فصل: أحاديث الخصوم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: نصب الراية لأحاديث الهداية **


 أحاديث الخصوم

أولها حديث أبي سعيد الخدري رضي اللّه عنه، وقد تقدم الكلام عليه مستوفى في ‏"‏أول الفصل‏"‏‏.‏

- حديث آخر‏:‏ أخرجه الحاكم في ‏"‏المستدرك‏"‏ ‏[‏المستدرك‏"‏ ص 410 - ج 1، والدارقطني‏:‏ ص 223، والبيهقي‏:‏ ص 166 - ج 4‏.‏‏]‏، وصححه عن سعيد بن عبد الرحمن الجمحي حدثنا عبيد اللّه عن نافع عن ابن عمر أن رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ فرض زكاة الفطر صاعًا من تمر، أو صاعًا من بر، على كل حر أو عبد، ذكر أو أنثى من المسلمين، انتهى‏.‏ وأخرجه الدارقطني، ثم البيهقي، قال البيهقي‏:‏ هكذا قاله سعيد بن عبد الرحمن الجمحي، وذكر البُرِّ فيه ليس بمحفوظ، قال الحاكم ‏[‏الحاكم في ‏"‏المستدرك‏"‏ ص 411 - ج 1‏]‏‏:‏ وأشهر منه حديث أبي معشر عن نافع الذي علونا فيه، لكني تركته، لأنه ليس من شرط هذا الكتاب، انتهى‏.‏ وهذا الذي أشار إليه، رواه في ‏"‏علوم الحديث‏"‏ له، وسيأتي قريبًا إن شاء اللّه تعالى‏.‏

- طريق آخر‏:‏ أخرجه الدارقطني ‏[‏الدارقطني‏:‏ ص 221‏.‏‏]‏ عن مبارك بن فضالة عن أيوب عن نافع عن ابن عمر أن رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ فرض على الذكر والأنثى، والحر والعبد صدقة رمضان‏:‏ صاعًا من تمر، أو صاعًا من طعام، انتهى‏.‏ قال ابن الجوزي‏:‏ والطريقان ضعيفان، ففي الأول‏:‏ سعيد بن عبد الرحمن، قال ابن حبان فيه‏:‏ كان يروى عن عبيد اللّه بن عمر، وغيره من الثقات أشياء موضوعة، يتخيل من يسمعها أنه كان المتعمد لها، انتهى‏.‏ وفي الثاني‏:‏ مبارك بن فضالة، كان أحمد يضعفه، ولا يعبأ به، وضعفه النسائي، وابن معين‏.‏ وتعقبه صاحب ‏"‏التنقيح‏"‏ فقال‏:‏ أما سعيد بن عبد الرحمن الجمحي فروى له مسلم في ‏"‏صحيحه‏"‏، ووثقه ابن معين، وهو أعلم من ابن حبان‏.‏ وقال أحمد، والنسائي‏:‏ ليس به بأس‏.‏ وقال ابن عدي‏:‏ له أحاديث غرائب حسان، وأرجو أنها مستقيمة، ولكنه يهم في الشيء، فيرفع موقوفًا، ويرسل مرسلًا، لا عن تعمد، وأما مبارك بن فضالة، فقد حسن أمره غير واحد من الأئمة، قال الفلاس‏:‏ سمعت عفان يقول‏:‏ كان مبارك بن فضالة ثقة، وسمعت يحيى ابن سعيد القطان يحسن الثناء عليه، وسئل أبو زرعة عنه، فقال‏:‏ يدلس كثيرًا، فإذا قال‏:‏ حدثنا، فهو ثقة‏.‏

- طريق آخر‏:‏ أخرجه الطحاوي في ‏"‏المشكل‏"‏ ‏[‏المشكل‏"‏ ص 337 - ج 4‏.‏

‏]‏ عن ابن شوذب عن أيوب عن نافع عن ابن عمر رضي اللّه عنهما، قال‏:‏ فرض رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ صدقة الفطر، على الحر والعبد، والصغير والكبير، والذكر والأنثى‏:‏ صاعًا من تمر، أو صاعًا من شعير، أو صاعًا من بُرٍّ، قال‏:‏ ثم عدل الناس، نصف صاع من بر‏:‏ بصاع مما سواه، انتهى‏.‏ قال الطحاوي‏:‏ لا نعلم أحدًا من أصحاب أيوب تابع ابن شوذب على زيادة البُرِّ فيه، وقد خالفه حماد بن زيد، وحماد بن سلمة عن أيوب، وكل واحد منهما حجة عليه، وليس هو حجة عليهما، فكيف وقد اجتمعا‏؟‏‏!‏ وأيضًا ففي حديثه ما يدل على خطئه، وهو قوله‏:‏ ثم عدل الناس نصف صاع من برِّ، بصاع مما سواه، فكيف يجوز أن يعدلوا صنفًا مفروضًا، ببعض صنف مفروض منه‏؟‏‏!‏، وإنما يجوز أن يعدل المفروض بما سواه مما ليس بمفروض، انتهى‏.‏

- طريق آخر‏:‏ أخرجه الحاكم في كتابه ‏"‏علوم الحديث‏"‏ عن أبي معشر عن نافع عن ابن عمر، قال‏:‏ أمرنا رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ أن نخرج صدقة الفطر، وفيه‏:‏ أو صاع من قمح، مختصر، وسيأتي بتمامه في ‏"‏آخر الباب‏"‏ إن شاء اللّه تعالى‏.‏

- حديث آخر‏:‏ أخرجه الحاكم في ‏"‏المستدرك‏"‏ ‏[‏الحاكم في ‏"‏المستدرك‏"‏ ص 410 - ج 1، والدارقطني‏:‏ ص 221‏]‏ أيضًا، وصححه عن بكر بن الأسود حدثنا عباد بن العوام عن سفيان بن حسين عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أن النبي عليه السلام حض على صدقة رمضان، على كل إنسان‏:‏ صاع من تمر، أو صاع من شعير، أو صاع من قمح، انتهى‏.‏ ورواه الدارقطني، وقال‏:‏ بكر بن الأسود ليس بالقوي، والأكثر على تضعيف سفيان بن حسين في روايته عن الزهري، قال النسائي‏:‏ ليس به بأس إلا في الزهري، وقال ابن عدي‏:‏ هو في غير الزهري صالح الحديث، وفي الزهري يروى أشياء خالف فيها الناس، وقد استشهد به البخاري في ‏"‏الصحيح‏"‏، وروى له في ‏"‏الأدب - وفي القراءة خلف الإِمام‏"‏، وروى له مسلم في ‏"‏مقدمة كتابه‏"‏، وبكر بن الأسود وإن تكلم فيه الدارقطني، فقد قال ابن أبي حاتم‏:‏ سألت أبي عنه، فقال‏:‏ صدوق‏.‏

- حديث آخر‏:‏ أخرجه الدارقطني عن هشام عن محمد بن سيرين عن ابن عباس، قال‏:‏ أمرنا رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ أن نعطي صدقة رمضان، عن الصغير والكبير، والحر والمملوك‏:‏ صاعًا في طعام، من أدى بُرًّا قبِل منه، ومن أدى شعيرًا قُبِل منه، ومن أدى زبيبًا قُبِل منه، ومن أدى سلتًا، قبِل منه، انتهى‏.‏ قال في ‏"‏التنقيح‏"‏‏:‏ رجاله ثقات، غير أن فيه انقطاعًا، قال أحمد، وابن المديني، وابن معين، والبيهقي‏:‏ محمد بن سيرين لم يسمع من ابن عباس شيئًا، وقال ابن أبي حاتم في ‏"‏عللّه‏"‏‏:‏ سألت أبي عن هذا الحديث، فقال‏:‏ حديث منكر، انتهى‏.‏

- حديث آخر‏:‏ أخرجه الدارقطني أيضًا عن إسحاق الحنيني عن كثير بن عبد اللّه ابن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده، قال‏:‏ فرض رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ زكاة الفطر، على كل صغير وكبير‏:‏ صاعًا من تمر، أو صاعًا من طعام، أو صاعًا من زبيب، انتهى‏.‏ وكثير هذا مجمع على تضعيفه، ولم يوافق الترمذي على تصحيح حديثه في موضع، وتحسينه في آخر، قال أحمد‏:‏ ليس بشيء، وقال الشافعي رحمه اللّه‏:‏ هو ركن من أركان الكذب، وقال ابن معين‏:‏ ليس حديثه بشيء، وقال النسائي، والدارقطني‏:‏ متروك، وإسحاق الحنيني أيضًا تكلم فيه البخاري، والنسائي، والأزدي، وابن معين‏.‏

- حديث آخر‏:‏ أخرجه الدارقطني أيضًا عن عمر بن محمد بن صهبان، أخبرني ابن شهاب الزهري عن مالك بن أوس بن الحدثان عن أبيه، قال‏:‏ قال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ‏:‏ ‏"‏أخرجوا زكاة الفطر‏:‏ صاعًا من طعام‏"‏، قال‏:‏ ‏"‏وطعامنا يومئذ‏:‏ البر، والتمر، والزبيب، والأقط‏"‏، انتهى‏.‏ وعمر بن صهبان‏.‏ قال أحمد‏:‏ ليس بشيء، وقال ابن معين‏:‏ لا يساوي فلسًا، وقال النسائي، والرازي، والدارقطني‏:‏ متروك‏.‏

- حديث آخر‏:‏ أخرجه الحاكم في ‏"‏المستدرك‏"‏ ‏[‏الحاكم في ‏"‏المستدرك‏"‏ ص 141 - ج 1، والدارقطني‏:‏ ص 224، والبيهقي ص 166 - ج 4‏]‏ عن الحارث عن علي عن النبي عليه السلام في صدقة الفطر عن كل صغير وكبير، حر أو عبد‏:‏ صاع من بر، أو صاع من تمر، انتهى‏.‏ والحارث لا يحتج به، وأخرجه الدارقطني، ثم البيهقي مرفوعًا وموقوفًا، وقالا‏:‏ الصحيح موقوف، وقد تقدم كلام الدارقطني في ‏"‏عللّه‏"‏ بتمامه، وفي لفظه أيضًا اختلاف، فعند الحاكم هكذا‏:‏ صاع، وفي ‏"‏سنن الدارقطني‏"‏ أو نصف صاع‏.‏

قوله‏:‏ وهو مذهب جماعة من الصحابة رضي اللّه عنهم، فيهم الخلفاء الراشدون‏.‏

قلت‏:‏ أما حديث أبي بكر‏:‏ فأخرجه البيهقي ‏[‏البيهقي‏:‏ ص 169 - ج 4، ولم يرده، وقال‏:‏ منقطع، ورواه الطحاوي‏:‏ ص 321، والدارقطني‏:‏ ص 225‏.‏‏]‏، ورواه عبد الرزاق في ‏"‏مصنفه‏"‏ أخبرنا معمر عن أبي قلابة عن أبي بكر أنه أخرج زكاة الفطر‏:‏ مدَّين من حنطة، وأن رجلًا أدى إليه صاعًا بين اثنين، انتهى‏.‏ قال البيهقي‏:‏ هذا منقطع‏.‏

- وأما حديث عمر‏:‏ فأخرجه أبو داود ‏[‏أبو داود في ‏"‏باب كم يؤدي من صدقة الفطر‏"‏ ص 234، وقد تقدم عن قريب، ولم أجد في النسائي ما يتعلق به، وأخرجه الدارقطني‏:‏ ص 222‏.‏‏]‏، والنسائي عن عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع عن ابن عمر، قال‏:‏ كان الناس يخرجون صدقة الفطر على عهد رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ‏:‏ صاعًا من شعير، أو تمر، أو سلت، أو زبيب، قال عبد اللّه‏:‏ فلما كان عمر، وكثرت الحنطة جعل عمر نصف صاع حنطة، مكان صاع من تلك الأشياء، انتهى‏.‏ وقد تقدم‏.‏ وأخرج الطحاوي عن عمر أنه قال لنافع‏:‏ إنما زكاتك على سيدك، أن يؤدي عنك عند كل فطر صاعًا من تمر، أو شعير، أو نصف صاع بر، انتهى‏.‏

- وأما حديث عثمان‏:‏ فأخرجه الطحاوي ‏[‏والطحاوي في ‏"‏شرح الآثار‏"‏ ص 321 - ج 1، وقال البيهقي في‏:‏ ص 169 - ج 4، موصول‏.‏‏]‏ عنه، أنه قال في خطبته‏:‏ أدوا زكاة الفطر مُدَّين من حنطة، قال البيهقي‏:‏ هو موصول عنه‏.‏

- وأما حديث علي‏:‏ فأخرجه الطحاوي أيضًا ‏[‏قوله‏:‏ أخرجه الطحاوي أيضًا، قلت‏:‏ لم أجد حديث علي هذا في النسخة المطبوعة من ‏"‏شرح الآثار‏"‏ و‏"‏المشكل‏"‏ وقال في ‏"‏فتح القدير‏"‏ ص 39 - ج 2‏:‏ أخرج هو - أي الطحاوي، وعبد الرزاق - عن علي، ثم ذكر الحديث، وظني أنه تبع الحافظ المخرج‏.‏‏]‏، وأخرجه عبد الرزاق عنه أيضًا ‏[‏ومن طريقه الدارقطني‏:‏ ص 225 عن علي، وابن مسعود، وجابر‏]‏، قال‏:‏ على من جرت عليه نفقتك نصف صاع من بر، أو صاع من شعير، أو تمر‏.‏ وأخرج عبد الرزاق ‏[‏وابن أبي شيبة‏:‏ ص 36 - ج 3، وعن ابن عباس، وابن مسعود، وعلي، وأسماء، وعبد اللّه بن شداد، وعن غير واحد من التابعين، وقال ابن حزم في ‏"‏المحلى‏"‏ ص 129 - ج 6‏:‏ ومن طريق جرير عن منصور عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة، قالت‏:‏ كان الناس يعطون زكاة رمضان نصف صاع، فأما إذا وسع اللّه تعالى على الناس فإني أرى أن يتصدق بصاع، اهـ‏.‏ هذا الأثر أورده ابن حزم لمن قال‏:‏ بنصف صاع، وابن أبي شيبة عن جرير به، قالت‏:‏ إني أحب إذا وسع اللّه تعالى أن يتموا صاعًا من قمح عن كل إنسان، اهـ، في ‏"‏باب من قال‏:‏ صدقة الفطر صاع من قمح‏"‏ ص 37 - ج 3‏.‏‏]‏ عن ابن الزبير، قال‏:‏ زكاة الفطر مُدَّان من قمح، أو صاع من تمر، أو شعير، وأخرج نحوه عن ابن عباس، وابن مسعود، وجابر بن عبد اللّه، وروى أيضًا ‏[‏ومن طريقه الطحاوي‏:‏ ص 320، والدارقطني‏:‏ ص 224، والبيهقي‏:‏ ص 164، وأحمد‏:‏ ص 270، قال الهيثمي ص 180 - ج 3‏:‏ صحيح موقوف‏.‏‏]‏ أخبرنا معمر عن الزهري عن عبد الرحمن عن أبي هريرة، قال‏:‏ زكاة الفطر على كل حر وعبد، ذكر أو أنثى، صغير أو كبير، فقير أو غني صاع من تمر، أو نصف صاع من قمح، قال معمر‏:‏ وبلغني أن الزهري كان يرفعه إلى النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، انتهى‏.‏ قال الشيخ في ‏"‏الإِمام‏"‏‏:‏ وهذا الخبر الوقف فيه متحقق، وأما الرفع فإنه بلاغ، لم يبين معمر من حدثه به، فهو منقطع، انتهى‏.‏ وأخرج أيضًا عن مجاهد، قال‏:‏ كل شيء سوى الحنطة، ففيه صاع، والحنطة نصف صاع، وأخرج ‏[‏وابن أبي شيبة نحوه عن طاوس، ومجاهد، والشعبي وابن أبي رباح، وابن القاسم، وسعد بن إبراهيم، وعمر بن عبد العزيز، والنخعي‏]‏ نحوه عن طاوس، وابن المسيب، وعروة بن الزبير، وسعيد بن جبير، وأبي سلمة بن عبد الرحمن‏.‏ وأخرجه الطحاوي ‏[‏الطحاوي‏:‏ ص 321 عن أبي بكر، وعمر، وعثمان، وابن عباس، وابن أبي صعير، وابن المسيب، ومجاهد وحكم، وحماد، وابن القاسم‏]‏ عن جماعة كثيرة، ثم قال‏:‏ وما علمنا أحدًا من الصحابة، والتابعين روى عنه خلاف ذلك، وقال البيهقي رحمه اللّه‏:‏ وقد وردت أخبار عن النبي عليه السلام في صاع من بر، ووردت أخبار في نصف صاع، ولا يصح شيء من ذلك، وقد بينا علة كل واحد منها في ‏"‏افي الخلافيات‏"‏‏.‏انتهى‏.‏

- الحديث السادس‏:‏ قال عليه السلام‏:‏

- ‏"‏صاعنا أصغر الصيعان‏"‏، قلت‏:‏ غريب، روى ابن حبان في ‏"‏صحيحه‏"‏ ‏[‏والبيهقي في ‏"‏سننه‏"‏ ص 171 - ج 4، وفيه عبد اللّه بن جعفر المديني، والأعلى، روى عن العلاء، وعبد اللّه ضعيف، والعلاء هو ابن عبد الرحمن‏]‏ في النوع التاسع والعشرين، من القسم الرابع عن ابن خزيمة بسنده عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ قيل له‏:‏ يا رسول اللّه، صاعنا أصغر الصيعان، ومُدنا أكبر الأمداد، فقال‏:‏ ‏"‏اللّهم بارك لنا في صاعنا، وبارك لنا في قليلنا وكثيرنا، واجعل لنا مع البركة بركتين‏"‏، انتهى‏.‏ قال ابن حبان‏:‏ وفي ترك المصطفى عليه السلام الإِنكار عليهم، حيث قالوا‏:‏ صاعنا أصغر الصيعان، بيان واضح أن صاع المدينة أصغر الصيعان، ولم نجد بين أهل العلم إلى يومنا هذا خلافًا في قدر الصاع، إلا ما قاله الحجازيون، والعراقيون، فزعم الحجازيون أن الصاع خمسة أرطال وثلث، وقال العراقيون‏:‏ ثمانية أرطال، فصح أن صاع النبي عليه السلام كان خمسة أرطال وثلث، إذ هو أصغر الصيعان ‏[‏ولا أعجب من هذا الاستدلال شيء، كذا في ‏"‏فتح القدير‏"‏ ص 42 - ج 2‏]‏، وبطل قول من زعم‏:‏ أن الصاع ثمانية أرطال من غير دليل ثبت على صحته، انتهى‏.‏ وأخرج الدارقطني في ‏"‏سننه‏"‏‏:‏ عن عمران بن موسى الطائي حدثنا إسماعيل بن سعيد الخراساني حدثنا إسحاق بن سليمان الرازي، قال‏:‏ قلت لمالك بن أنس‏:‏ يا أبا عبد اللّه، كم وزن صاع النبي عليه السلام‏؟‏ قال‏:‏ خمسة أرطال وثلث بالعراقي، أنا حزرته ‏[‏قوله‏:‏ أنا حزرته - بالحاء المهملة، وتقديم الزاي المعجمة على الراء المهملة‏]‏‏.‏ قلت‏:‏ يا أبا عبد اللّه خالفت شيخ القوم، قال‏:‏ من هو‏؟‏ قلت‏:‏ أبو حنيفة رضي اللّه عنه، يقول‏:‏ ثمانية أرطال، فغضب غضبًا شديدًا، وقال‏:‏ قاتله اللّه، ما أجرأه على اللّه، ثم قال لبعض جلساته‏:‏ يا فلان، هات صاع جدك، ويا فلان، هات صاع عمك، ويا فلان، هات صاع جدتك، فاجتمعت أصوع، فقال مالك‏:‏ تحفظون في هذه‏؟‏ فقال أحدهم‏:‏ حدثني أبي عن أبيه أنه كان يؤدي بهذا الصاع إلى رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، وقال الآخر‏:‏ حدثني أبي عن أخيه أنه كان يؤدي بهذا الصاع إلى رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، قال مالك‏:‏ أنا حزرت هذه، فوجدتها خمسة أرطال وثلثًا، قلت‏:‏ يا أبا عبد اللّه أحدثك بأعجب من هذا عنه‏:‏ أنه يزعم أن صدقة الفطر نصف صاع، والصاع ثمانية أرطال، فقال‏:‏ هذه أعجب من الأولى، بل صاع تام عن كل إنسان، هكذا أدركنا علماءنا ببلدنا هذا، انتهى‏.‏ قال صاحب ‏"‏التنقيح‏"‏‏:‏ إسناده مظلم، وبعض رجاله غير مشهورين، والمشهور ما أخرجه البيهقي ‏[‏البيهقي ص 171 ج 4‏.‏‏]‏ عن الحسين بن الوليد القرشي، وهو ثقة، قال‏:‏ قدم علينا أبو يوسف رحمه اللّه من الحج، فقال‏:‏ إني أريد أن أفتح عليكم بابًا من العلم أهمني، ففحصت عنه، فقدمت المدينة، فسألت عن الصاع فقال‏:‏ صاعنا هذا صاع رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، قلت لهم‏:‏ ما حجتكم في ذلك‏؟‏ فقالوا‏:‏ نأتيك بالحجة غدًا، فلما أصبحت أتاني نحو من خمسين شيخًا من أبناء المهاجرين والأنصار، مع كل رجل منهم الصاع تحت ردائه، كل رجل منهم يخبر عن أبيه، وأهل بيته، أن هذا صاع رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، فنظرت فإِذا هي سواء، قال‏:‏ فعَيّرته، فإِذا هو خمسة أرطال وثلث، بنقصان يسير، فرأيت أمرًا قويًا، فتركت قول أبي حنيفة رضي اللّه عنه في الصاع، وأخذت بقول أهل المدينة، هذا هو المشهور من قول أبي يوسف رحمه اللّه، وقد روى أن مالكًا ناظره، واستدل عليه بالصيعان التي جاء بها أولئك الرهط، فرجع أبو يوسف إلى قوله‏.‏ وقال عثمان بن سعيد الدرامي‏:‏ سمعت علي ابن المديني يقول‏:‏ عيرت صاع النبي عليه السلام، فوجدته خمسة أرطال وثلث رطل بالتمر، انتهى كلامه‏.‏ وأخرج الحاكم في ‏"‏المستدرك‏"‏ ‏[‏ص 412 - ج 1‏.‏‏]‏ عن هشام بن عروة عن أمه أسماء بنت أبي بكر رضي اللّه عنهما أنها حدثته أنهم كانوا يخرجون زكاة الفطر في عهد رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ بالمد الذي يقتات به أهل المدينة، أو الصاع الذي يقتات به، يفعل ذلك أهل المدينة كلهم، انتهى‏.‏ وقال‏:‏ حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، وهو الحجة لمناظرة مالك، وأبي يوسف رحمهما اللّه تعالى، انتهى‏.‏ واستدل ابن الجوزي في ‏"‏التحقيق‏"‏ للشافعي، وأحمد في أن الصاع خمسة أرطال وثلث، بحديث كعب بن عجرة في الفدية أن النبي عليه السلام، قال له‏:‏ ‏"‏صم ثلاثة أيام، أو أطعم ستة مساكين‏:‏ لكل مسكين نصف صاع‏"‏، رواه البخاري، ومسلم ‏[‏البخاري في ‏"‏باب الاطعام في الفدية نصف صاع‏"‏ ص 244، ومسلم في ‏"‏جواز حلق الرأس للمحرم إذا كان به أذى‏"‏ ص 382‏]‏، وفي لفظ لهما ‏[‏هذا اللفظ في البخاري في ‏"‏المناسك - في باب النسك شاة‏"‏ ص 234، ومسلم‏:‏ ص 382 - ج 1‏.‏‏]‏‏:‏ فأمره رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، أن يطعم فرْقًا بين ستة، أو يهدي شاة، أو يصوم ثلاثة أيام، قال‏:‏ فقوله‏:‏ نصف صاع حجة لنا، قال ثعلب‏:‏ والفرق‏:‏ اثنا عشر مدًا، وقال ابن قتيبة‏:‏ الفرْق‏:‏ ستة عشر رِطلًا، والصاع ثلث الفرْق، خمسة ارطال وثلث، والمدُّ‏:‏ رطل وثلث، انتهى‏.‏ وأخرج الطحاوي ‏[‏الطحاوي‏:‏ ص 324‏.‏‏]‏ عن أبي يوسف، قال‏:‏ قدمت المدينة، فأخرج إليَّ من أثق به صاعًا، وقال‏:‏ هذا صاع النبي عليه السلام، فوجدته خمسة أرطال وثلثًا، قال الطحاوي‏:‏ وسمعت ابن أبي عمران يقول‏:‏ الذي أخرجه لأبي يوسف هو مالك، وسمعت أبا حزم يذكر عن مالك، قال‏:‏ هو تحري عبد الملك بصاع عمر، انتهى‏.‏

قوله‏:‏ هكذا كان صاع عمر - يعني ثمانية أرطال - ‏.‏

قلت‏:‏ روى ابن أبي شيبة في ‏"‏مصنفه ‏[‏ابن أبي شيبة‏:‏ ص 54 - ج 3، وفيه حنشًا، بدل‏:‏ حسن بن صالح، والباقي سواء، والرواية الثانية‏:‏ أبو عبيد في ‏"‏كتاب الأموال‏"‏ ص 518، أيضًا، قال‏:‏ حدثني عبد اللّه بن داود عن على بن صالح به‏]‏ - في كتاب الزكاة‏"‏ حدثنا يحيى بن آدم، قال‏:‏ سمعت حسن بن صالح يقول‏:‏ صاع عمر ثمانية أرطال، وقال شريك‏:‏ أكثر من سبعة أرطال، وأقلَّ من ثمانية، انتهى‏.‏ حدثنا وكيع عن علي بن صالح عن أبي إسحاق عن موسى بن طلحة، قال‏:‏ الحجاجي صاع عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه، انتهى‏.‏ وهذا الثاني‏:‏ أخرجه الطحاوي في ‏"‏كتابه‏"‏ ‏[‏الطحاوي‏:‏ ص 324‏]‏، ثم أخرج عن إبراهيم النخعي، قال‏:‏ غيرنا الصاع فوجدناه حجاجيًا، والحجاجي عندهم‏:‏ ثمانية أرطال بالبغدادي، وعنه قال‏:‏ وضع الحجاج قفيزه على صاع عمر، قال‏:‏ فما ذكراه عيار حقيقي، فهو أولى مما ذكره مالك، من تحري عبد الملك بصاع عمر، لأن التحري لا حقيقة معه، انتهى‏.‏

- الحديث السابع‏:‏ روى أن النبي عليه السلام

- كان يتوضأ بالمد‏:‏ رِطلين، ويغسل بالصاع‏:‏ ثمانية أرطال،

قلت‏:‏ روى من حديث أنس، ومن حديث جابر‏.‏

- فحديث أنس‏:‏ أخرجه الدارقطني في ‏"‏سننه‏"‏ ‏[‏الدارقطني‏:‏ ص 226، قلت‏:‏ وأخرج أبو داود في ‏"‏سننه‏"‏ ص 13 عن شريك عن عبد اللّه بن عيسى عن عبد اللّه بن جبر عن أنس، قال‏:‏ كان النبي صلى اللّه عليه وسلم يتوضأ بإناء يسع رطلين، ويغتسل بالصاع، اهـ‏.‏ وشريك مختلف فيه‏.‏‏]‏ من ثلاثة طرق‏:‏ أحدها‏:‏ في صدقة الفطر عن جعفر بن عون عن ابن أبي ليلى، ذكره عن عبد الكريم عن أنس، قال‏:‏ كان رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ يتوضأ بالمد‏:‏ رطلين، ويغتسل بالصاع‏:‏ ثمانية ارطال، انتهى‏.‏ الطريق الثاني‏:‏ رواه ‏[‏الدارقطني‏:‏ ص 35‏.‏‏]‏ في ‏"‏الطهارة‏"‏ عن موسى بن نصر الحنفي حدثنا عبدة بن سليمان عن إسماعيل بن أبي خالد عن جرير ابن يزيد عن أنس، نحوه، قال الدارقطني‏:‏ تفرد به موسى بن نصر، وهو ضعيف الحديث، انتهى‏.‏ الطريق الثالث‏:‏ أخرجه ‏[‏الدارقطني‏:‏ ص 226، و ص 215، مع مغايرة قليلة في السياق، قلت‏:‏ حديث عائشة هذا حديث آخر غير حديث أنس، وجابر رضي اللّه عنهم، ففيما عدَّ الشيخ حديث عائشة من طرق حديث أنس في النفس منه شيء، واستدل الطحاوي في ‏"‏شرح الآثار‏"‏ ص 322 - ج 1 لأبي حنيفة بحديث عائشة، رواه هو، والنسائي في ‏"‏السنن‏"‏ ص 46 عن موسى الجهني عن مجاهد، قال‏:‏ دخلنا على عائشة، فاستسقى بعضنا، فأتى بعس، قالت عائشة‏:‏ كان النبي صلى اللّه عليه وسلم يغتسل بمثل هذا، قال مجاهد‏:‏ فحزرته فيما أحزر‏:‏ ثمانية أرطال، تسعة أرطال، عشرة أرطال، اهـ‏.‏ قال الطحاوي‏:‏ قالوا‏:‏ لم يشك مجاهد في الثمانية، إنما شك فيما فوقها، فثبت الثمانية بهذا الحديث، وانتفى ما فوقها، وممن قال بهذا أبو حنيفة، اهـ‏.‏‏]‏ في ‏"‏الزكاة‏"‏ عن صالح بن موسى الطلحي حدثنا منصور بن المعتمر عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة رضي اللّه عنها، قالت‏:‏ جرت السنة من رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ في الغسل من الجنابة، صاع من ثمانية أرطال، وفي الوضوء‏.‏ رِطلان، وقال‏:‏ لم يروه عن منصور غير صالح، وهو ضعيف الحديث، انتهى‏.‏ وضعف البيهقي ‏[‏البيهقي‏:‏ ص 171 - ج 4‏.‏‏]‏ هذه الأسانيد الثلاثة، وقال‏:‏ الصحيح عن أنس بن مالك أن رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ كان يتوضأ بالمد، ويغتسل بالصاع إلى خمسة أمداد، انتهى كلامه‏.‏

- وأما حديث جابر‏:‏ فأخرجه ابن عدى في ‏"‏الكامل‏"‏ عن عمر بن موسى بن وجيه الوجيهي عن عمرو بن دينار عن جابر، قال‏:‏ كان النبي عليه السلام يتوضأ بالمد‏:‏ رِطلين، ويغتسل بالصاع‏:‏ ثمانية أرطال، انتهى‏.‏ وضعف عمر بن موسى هذا عن البخاري، والنسائي، وابن معين، ووافقهم، وقال‏:‏ إنه في عداد من يضع الحديث، انتهى‏.‏ وحديث‏:‏ كان رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ يتوضأ بالمد، ويغتسل بالصاع، أخرجه البخاري، ومسلم ‏[‏البخاري في ‏"‏الطهارة - في باب الوضوء بالمد‏"‏ ص 33، ومسلم في ‏"‏باب القدر المستحب من الماء‏"‏ ص 149 - ج 1‏.‏‏]‏ عن أنس، وأخرجه مسلم ‏[‏مسلم‏:‏ ص 149، والترمذي، وصححه‏.‏‏]‏ عن سفينة، انتهى‏.‏

- حديث آخر‏:‏ أخرجه البخاري في ‏"‏صحيحه‏"‏ ‏[‏البخاري في ‏"‏الاعتصام - في باب اتفاق أهل العلم‏"‏ ص 1090، والنسائي في ‏"‏الزكاة - في باب كم الصاع‏"‏ ص 348، وليس فيهما‏:‏ في زمن عمر بن عبد العزيز‏.‏‏]‏ عن السائب بن يزيد، قال‏:‏ كان الصاع على عهد رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ مدًا وثلاثًا بمدكم اليوم، فزيد فيه، في زمن عمر بن عبد العزيز رضي اللّه عنه، انتهى‏.‏

- حديث آخر‏:‏ رواه أبو عبيد القاسم بن سلام في ‏"‏كتاب الأموال ‏[‏كتاب الأموال‏"‏ ص 518‏.‏‏]‏ - في باب الصدقة‏"‏ حدثنا محمد بن الحسن بن أبي يزيد الهمداني عن الحجاج بن أرطاة عن الحكم عن إبراهيم، قال‏:‏ كان صاع النبي عليه السلام ثمانية ارطال، ومده رطلين، انتهى‏.‏ والحديث في ‏"‏الصحيحين‏"‏ عن أنس‏:‏ ليس فيه الوزن، قال‏:‏ كان رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ يتوضأ بالمد، ويغتسل بالصاع، وأخرجه مسلم عن سفينة، قال‏:‏ كان النبي عليه السلام يغتسل بالصاع من الماء من الجنابة، ويتوضأ بالمد، انتهى‏.‏

- الحديث الثامن‏:‏ روى عن النبي عليه السلام

- أنه كان يخرج صدقة الفطر قبل أن يخرج، قلت‏:‏ رواه الحاكم ‏[‏وأخرجه البيهقي في ‏"‏سننه‏"‏ ص 175 - ج 4 عن أبي الربيع حدثنا أبو معشر به، ولم يذكر القمح، وقال‏:‏ أبو معشر هذا نجيح السندي المديني غيره أوثق منه، اهـ‏.‏ قلت‏:‏ ضعفه ابن المديني، وقال البخاري‏:‏ منكر الحديث، وقال يحيى، والنسائي، والدارقطني‏:‏ ضعيف، وكان يحيى بن سعيد يستضعفه‏]‏ أبو عبد اللّه النيسابوري في كتابه ‏"‏علوم الحديث‏"‏ ‏[‏وهو مجلد كامل في ‏"‏باب الأحاديث التي انفرد بزيادة فيها راوٍ واحد‏"‏‏]‏ فقال‏:‏ حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا محمد بن الجهم السمهري ‏[‏في نسخة - الدار - ‏"‏السمرى‏"‏ ‏"‏البجنورى‏"‏‏.‏

‏]‏ حدثنا نصر بن حماد حدثنا أبو معشر عن نافع عن ابن عمر، قال‏:‏ أمرنا رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ أن نخرج صدقة الفطر عن كل صغير وكبير، حر أو عبد صاعًا من تمر، أو صاعًا من زبيب، أو صاعًا من شعير، أو صاعًا من قمح، وكان يأمرنا أن نخرجها قبل الصلاة، وكان رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ يقسمها قبل أن ينصرف إلى المصلى، ويقول‏:‏ ‏"‏أغنوهم عن الطواف في هذا اليوم‏"‏، انتهى‏.‏